الاثنين، 12 أكتوبر 2009

هكذا هي

تقدموا .. لا تعتبرون انفسكم غرباء .. فتلك هي جنتي الارضيه التي طالما حكيت لكم عنها ورأيت في عيونكم الاشتياق لرؤيتها .. ما رأيكم ؟ .. انه بيتي الذي يمتلئ قلبي بعشقه .. انه بيتي الذي لا أفارقه مهما كان ما يحول دون ذلك .. فما أن تطأ روحي فيه حتي تسرع بقايا رائحته المميزه والمحببه الي لتكون أول من يستقبلني .. فلطالما تملأ أركانه طيلة اليوم و دائما ما تأبي أن تنصرم دون أن ترحب بعودتي .. أنه بيتي .. كل ما فيه صديقي .. سنوات عده مرت ولم تتغير به الاشياء .. كل في مكانه .. كل كما تركته .. وكأنني غادرت منذ ساعات و كأنه بانتظاري .. مكتبي .. سريري .. ملابسي و حذائي .. كتبي .. صورتي .. حتي ساعتي المنبهه لم يتبدل موضعها .. حانت مني نظره خاطفه اليها فتنبهت .. انه الفجر .. ميعادها الذي طالما انتظره لألقاها فيه .. انه الفجر حين لا يتملك شئ فوق سطوة الهدوء الذي يغلف جميع الأمكنه و يملأ كل النفوس .. حينها أناديها لتصحو فتصحو مستجيبه .. أنتظرها حتي تستفيق من أثار سباتها القلق .. أستحثها لتأتيني وأظل أنتظرها .. أصيخ السمع .. نعم انها هي .. لم أنسي أبدا وقع خطواتها .. لن أنسي أبدا أنة الأرضيه الخشبيه تحت وطئة قدميها .. أراها جيدا رغم الظلام الدامس .. لم تتغير كثيرا .. ربما هو بعض الشيب الذي غزي مقدمة رأسها ليس الا ليزيدها وقارا علي وقار ويعلن في تحدي عن حكمة سنوات من الحياه تفيض من هذا الرأس .. نعم .. انها هي . في هدوء تام تأتيني .. في سكون كامل تجلس أمامي .. في صمت حريص تنظر الي وجهي المبتسم ولكنها لا تبادله الابتسام .. في لهفه واضحه تسألني عيناها .. تتمني لو أجيبها ولو بكلمه واحده حتي وان كان بعدها الصمت أبديا .. أنصت لهذا الصوت المنتظم الذي حطم لذة الهدوء من حولنا لأدرك انه ضربات قلبها الذي يختلج خوفا علي .. أنظر الي وجهها فأجد عيناها حائرتان تفحصان وجهي في هلع .. أنظر الي شفتيها فأجدهما ترتعشان رعبا من أجلي .. تنعكس كل الالام التي تعتمل بداخلها علي وجهها الملائكي التي تصرخ قسماته في صمت موجع .. كم تمنيت لو أستطيع التخفيف عنها ولكن .. تمتد يدها الي .. تتحسس هذا الجدار الزجاجي العازل بين لمساتها وبيني .. تلعنه بصوت خفيض ليخرج همسا يصم أذني .. تتلاعب بها الذكريات فتبدأ في البكاء .. ليتها تعلم .. ليتها تدرك .. كم هي غاليه تلك القطرات التي تذرفها .. كم هي مؤلمه وموجعه .. لا تسعفني ذاكرتي كي أتفكر عدد المرات التي وددت فيها أن لم أخلق كي لا تربط بيني وبينها تلك الذكريات الرائعة .. كم تمنيت أن تمحي من رأسها تلك التي لم تكن تربط بيني و بين أخر سواها .. فقط , كي لا تبكي ثانية .. أعود من أوهامي وامنياتي لأجدها مازالت تبكي .. تتسألون لماذا تبكي .. ألا تعتقدون أن سؤالكم فيه شئ من الغرابه .. كم تمنيت لو أستطيع تحطيم تلك الصوره التي تدميني كلما دمعت عيناها الغاليتين عندما تشخصان اليها .. كم كرهت تلك الصوره ووددت أن تختفي .. أية صوره ؟! .. ماذا دهاكم ؟!! .. انها صورتي التي أصبحت تحتل أكثر من نصف الجدار .. أسترق اليها نظره خاطفه .. أجدني فيها مبتسما .. لكم رأيت صورا لأخرين يبتسمون .. بعضهم في بلاهه وأخرون في أصتناع .. وقله من القلب .. و لكني كلما كنت انظر الي صورتي أشعر بأبتسامتي فيها كمن يبعث برسالة اطمئنان لناظرها .. حينها لم أكن قاصدا لذلك ولكني حين نظرت الي عيناها الدامعتان والي شفتاها التي بدأت ترتسم عليهما ملامح أبتسامه تشرق لها الشمس .. أدركت لتوي مدي صحة اعتقادي . لا أخفي أنني لم أنظر لتلك الصوره منذ بضعة سنوات لا أذكر عددها .. ليس لسبب أكثر من أن تلك الشاره السوداء التي تحتل زاويتها العليا تبعث في نفسي شئ من الانقباض .. أعرف يقينا أنها الان تشعر بوجودي .. تريد أن تحتضني .. تريد أن تبكي علي صدري .. كم وددت أن أرتمي برأسي علي كتفها وأبكي .. لا أعرف لأي شئ أبكي .. لكني اريد أن أبكي وكفي .. علي ان يكون بين ذراعيها هي حيث الاطمئنان .. حيث الراحه . ما كل هذا الحب ؟! .. لا تتهكمون أيها الرفاق .. فهما اختلفت الأزمنه وتعاقبت .. وتغيرت الأماكن وتشكلت تظل هي علي حالها .. نعم .. هكذا هي دائما .. انها أمي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق