الأحد، 22 نوفمبر 2009

ان شالله الوحشين

لم يكن هناك أحب لنفسها من تلك اللحظات .. حين تنعم بقطرات تنهب المسافات نزولا من السماء .. فقط كي تبلل جبهتها هي . لم تكن تشعر بنشوه حقيقيه الا في تلك الدقائق القليله .. لم تكن تغمرها تلك الرغبه العارمه في المرح الطفولي الا مع تلك القطرات الساحره .. كانت تشعر برغبتها الملحه في أن تركض تحت هذا السيل اللذيذ بلاهدف .. تقفز عاليا ضاربه بيدها الصغيره تلك القطرات التي تهيم بها حبا .. تنظر الي السماء فاتحه عينيها بغير خوف .. فاغره فمها بغير اكتراث لتصرخ ضاحكه في براءه غير مفتعله .. فارجه ذراعيها الصغيرين في حنين واشتياق حقيقيين .. تصر علي أن تجري وتركض وتقفز ناظره الي السماء بلا اهتمام لما امامها او تحت قدميها .. تريد لكل ذره في خلاياها أن تنعم بتلك اللألئ – ( اللي ربنا بينزلهلنا ) – تضم يديها الضئيلتين الي بعضهما .. تشكلهما كوعاء تحت هذا المطر .. تنتظر في لهفه حريصه الي أن يمتلئ .. تقفز مجددا و تقذف ما فيه من ماء لأعلي .. تحاول أن توصله للسماء ثانيه حتي لا تتوقف تلك الحبات اللامعه فتتبدد سعادتها .. تمد يدها تجاه السماء تستجديها المزيد .. خائفه من أن ينضب محتواها .. تعرف تماما أن المطر سيتوقف مهما فعلت .. تعرف تماما أن تلك اللحظه أتيه مهما تمنت واستجدت .. تحزن كثيرا كلما تخيلت قدومها .. تقرر بعمليه أن تستمتع بكل ثانيه حتي تكتفي السماء وتقرر الاستكمال في وقت لاحق .. تعرف انها ستظل مستكينه في حزن الي أن يحين هذا اللاحق .. دائما ما يندهش الجميع عندما يلمسون كل هذا الحب الذي تكنه للشتاء علي الرغم من أنها لم تعاصره الا اربعة مرات .. ويضيفون علي اندهاشهم تعجبا عندما يعلمون بمدي عشقها للسماء الغائمه - مين يا بنتي بيحب الغيمه .. دي وحشه - لأ .. دي حلوه دائما ما تمنت أن تمسك بمنبع المطر الذي يغلق ابوابه في غير الشتاء بلا سبب .. تشرد بخيالها الطفل الخصيب و تتخيل بأتها تتحكم به لتتركه فائضا طوال الايام .. طالما كانت تحلم أن يغزو الشتاء المبهج علي الصيف القاتم .. يسود الربيع بزهوره العطره علي الخريف الذي لا يتخلف ابدا عن فعلته النكراء .. فيصفر الاخضر الجميل و يذبل الزهور الملونه لتنزعج الفراشات فتذهب و لا تعود و يقطف الاوراق النضره من اغصانها ليملأ بها الارض ويدوسها الجميع في غير اعتناء - بابا .. هو امتي الصيف ده هايمشي خالص خالص و مش هايجي تاني ابدا - بابا .. هو ليه الخريف ده بيجي علي طول علي طول يبوز كل اللي عمله الربيع كده - بابا .. كح كح .. كح كح كح ... أتشووه

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

حب حقيقي

لماذا دائما أصرخ مع الصارخين بأعلي صوتي : أطلقوا من يبغضني .. و قيدوا من يحيا فقط لأجلي ؟ لماذا دائما أمسك بالسياط مع ماسكيه يد بيد جالدا اياه ممزقا جسده في اصرار وافتنان ؟ لماذا دائما أبصق في وجهه وألطمه بيد ليست خجلي لا ترتعش ؟ لماذا دائما أمسك بالمدق من يد أصحاب أقسي القلوب وأخرق يده وقدمه بمسامير ؟ لماذا دائما أدس في فمه مراره لا قبل لمخلوق بها ؟ لماذا دائما أطعنه و أجرحه فتدمي جنبات جسده لفعلات يدي .. أنا ؟ لماذا دائما أسعي لألمه ؟ لماذا دائما أسعد لأهاته النازفه ؟ لماذا دائما أتلذذ بعذاباته ؟ لماذا دائما أتسبب في ضيقه ودموعه ؟ لماذا دائما أتجاهل ندائه الباكي المتوسل لي أن آتيه ؟ لماذا دائما ألاشي وجوده من حياتي متعمدا ؟ لماذا دائما أهمل محبته التي لن أري لها مثيل الا معه ؟ لماذا دائما أحول عيني عنه هو الذي لا يغفل عني لحظه ؟ لماذا دائما أتناسي أنه لن يكون هناك من يدمي نفسه لأجل ابتسامه ترتسم علي وجهي مثلما يفعل ؟ لماذا لا أحبه مثلما يحبني .. لماذا لا أحبه حب خالي من الخوف و الرغبه ؟ لماذا لا أحبه ذلك الحب الذي يقولون عنه ؟ .. حب حقيقي .

الخميس، 22 أكتوبر 2009

من غير زعل

لم يكن كأي صمت مر عليها من قبل ... يقولون عنه انه صمت ما قبل العاصفه .. وتعرف هي انه صمت ما يسبق نوه قاسيه .. بل قل عنه اعصار مدمر .. بل يمكنك القول ايضا انه صمت ما يسبق قدوم الشرير ذاته . سكون مريب .. صمت تكره وجوده ويقشعر بدنها كلما انتبهت له .. صمت مشابهه لما يلي موجه صاخبه من الندب و الولوله والنحيب و كأنه يخبرها بمأساه عظيمه حدثت .. صمت يغلف المكان وينتشر فيه معلنا سيادته علي كل شئ في مجاله .. مكان لا يسمع به الا دقات هذ الساعه قديمة الطراز والتي تعلن في رهبه عن الموعد الذي تخيم فيه ظلال الخوف و القلق .. مكان لا يري فيه حركه غير حركة بندولها الذي يدور في مكانه وكأنه حائرا مترددا لا يجد مهربا .. يتحرك يمينا ويسارا وكأنه يبحث عن مخبأ ليتجنب شرور ما وراء هذا الموعد . وضع غير مألوف أن يسود كل هذا الهدوء و الصمت في مكان يقطنه ثلاثه من البشر صمتهم وترقبهم هو لسان حالهم الذي يمنون انفسهم به راجيين من الله عدم عودته .. ولكن منذ متي يكون للمرء كل ما يتمني .. هناك صوت .. نعم .. صوت يغزو هذا الهدوء قهرا .. صوت أثار انتباه ثلاثتهم .. انه الباب .. هناك من يفتحه .. انه هو .. تكاد قسمات وجهها تنطق متحسره راثيه تلك الامنيه التي طالما كانت تراود خيالها .. انهما ينظران لها بوجهيهما الصغيران الذي بدأ الشحوب يدب فيهما من هول القلق و الخوف .. تحاول بكل جهد أن تصنع ابتسامه في وجهها رغما عنها لبعث الطمأنينه في قلبهما بعد أن قتل هذا الكائن أي معني للامان في مخيلتهما الملائكيتان .. كانت تحاول متمنيه أن يتحول وجهها الي قطعه من الصلصال الرطب حتي تتمكن من أن تشكل فيه هذا الملمح – الابتسام – وسط محيط و مناخ هما ابعد ما يكون عن صنعه .. لكن برغم كل تلك المحاولات الجاهده والجاده منها لم يستطع وجهها الذي مر عليه زمن كالدهر لم تنفرج فيه اساريرها الا أن يخرج ما يشبه ابتسامه باهته لم تؤثر فيهما بل لربما زادت من اتساع دائرة الاضطراب التي كان يتفنن في ارساء قواعدها في اذهانهما و قلوبهما . ان وجهه العابث دائما و جبهته التي تشبه في تعرجها طريقا أسأوا رصفه و نظراته الحاده وأنفه المنتفخه و التي ينقصها أن تنفث النار أسباب كافيه تماما علي فتح هاله من الرعب في قلبيهما البريئين اللذين لا يحتملان كل هذا .. لقد اغرورقت عيناهما بالدموع و اصبحا علي استعداد تام لممارسة ما اعتادا عليه في محاوله لتخفيف تأثير طاقات الخوف و الهلع التي انفجرت بمجرد احساسهما لوجوده .. لا يحتملان .. لا يستطيعان .. هذا يفوق طاقتهما التي لم تنشأ بعد .. فتنقذهما دموعهما وتسرع لتطفئ رهبة هذا الفزع .. ليعلو صوتهما بالبكاء يا له من أنين حزين يتأذي له كل ذي كيان انساني ينبض فيه قلب حي .. يدوي البكاء في جنبات هذا المكان ليزيده كأبه وحزن ليصبح اقرب لمكان رثاء الاموات منه الي بيت يعيش به مثل هذين الملاكين . أحمق .. لا يعرف أن نهجه في الحياه لا يتبعه الا ذوات الاربع والذيول والانياب .. أحمق .. يعتقد انهما لا يعيان ما يدور حولهما .. لا يدرك أنهما يدركان .. يفهمان .. يكرهانه بالفعل .. أحمق .. لا يدرك أن افعاله دائما ما تكون مسار بغض وسخرية الجميع .. لا يجيد معاملة الادميين .. لا يجيد الا الصراخ في وجه من أمامه .. لا يجيد الا أن يطلق للسانه العنان في توجيه قذائف السب و التوبيخ و لوازع الكلام و كأنه سوط ينهال ليمزق من يمسسه .. قاموس حذفت منه مرادفات اداب الحديث . لا يتسع صدره لأي شخص يحاول أن يملي عليه شيئا ما .. فيالهذا المسكين الذي يحاول .. يجهل انه امام مدفع وجهت فوهة انبوبته ناحية أم رأسه فما يكاد أن يبدأ الرجل في سرد كلماته حتي تنطلق دانة هذا المدفع لتدوي في كل الانحاء معلنه أن كرامة هذا الرجل تحولت الي اشلاء . أب .. لا يعرف للحكمه معني علي الرغم من زعمه انها مرشده في جميع تصرفاته .. زوج .. سريع الاهانه .. خدعت فيه حينما كان يتسم سلوكه بالوداعه .. حينما كان جياشا في عواطفه التي اكتشفت بعد الاوان أنها فخا صنع بدهاء لا يقل عن دهاء الحيات في شئ .. حينما كان يصتنع التلعثم امامها .. حينما كان يعقد اصابع يديه في حركه توهم من امامه انها لا اراديه دليلا علي الخجل والحياء . كم كان رقيقا خلوقا .. وكم اصبح موحشا متدنيا لا يكاد أن ينظر الي وجهه انسان حتي يستعيذ بالله ويتمني يوما لطيفا لنفسه من شدة اقطاب هذا الوجه الذي رأه .. تسألت كثيرا عن السبب الذي يجعله يتحول الي هذا الكائن .. كيف تحول من هذا الحمل الوديع الذي لا يكاد يسمع صوته عندما يتحدث الي هذا الشخص الذي كل ما يخرج من فمه صراخ وسباب .. الي هذا الشخص الذي اقل ما يوصف به انه غير ادمي .. دائما ما تنفرد الي ذاتها وتبكي .. دائما ما ترثي ايامها الجميله التي كانت في مخيلتها ان تحياها مع هذا الذي نجامله كثيرا اذا ما اطلقنا عليه لقب انسان . الطفلان يبكيان وكانهما يعرفان ما يخبئ لهما القدر في جعبته السوداء .. دائما ما يتشتت تفكيرها بين بكاء طفليها .. مصيرهما المشئوم الذي ينتظرهما في لهفه .. نظرات من حولها .. اشفاق البعض و حزن البعض الاخر .. وجناته الحاده .. صرخاته العاليه .. سبابه المستمره .. و دائما ما تقع مغشيا عليها .. ولكن مازال الطفلان يبكيان . فكرت كثيرا .. كانت تنظر اليهما بينما كانت دموعها تتدحرج علي وجنتيها كحجر ملتهب .. ذبلت تلك العينان التي كان تمتلأ بسما و اشراقا فيما قبل . لم تجد الا هذا الحل .. ولكن كيف ؟ .. و متي ؟ . كثيرا ما نظرت الي السماء .. صامته كأنها تتأمل شئ لا يستطيع سواها أن ينظره . تفكر .. لا بديل .. لكن ماذا عنهما ؟! يصخ مسبا اياهم واياها .. بكائهم يزعجه كثيرا .. لماذا لم توقفهما عن البكاء ؟! .. هل تتعمد ذلك قاصده ازعاجه ؟ .. ام انها تريدهما ان يبكيا ويتألما انتقاما منه ؟ .. ام انها تعلن التحدي عليه فلم تعد تهتم بأي شئ يخصه ؟ .. كان هذا ما هداه اليه تفكيره العميق الحكيم .. جدا . - ايه مش عارفه تسكتيهم ولا ايه ؟ ( لا رد منها ) - ايه مش سمعاني ولا ايه يا بنت ال ( .......... ) . تدوي الكلمه في جنبات المكان .. تغمض عينيها بشده .. تحاول جاهده منع هذه الكلمه من الوصول الي اذنيها .. تفتح جفنيها ببطء لتنزل منهما قطرتين لتجريان في المكان اللاتي سبقتهما اليه مئات القطرات سلفا .. لقد أصبحت أثار الدموع واضحه في وجهها الذي أصبح كبدر فقد بريقه وسط السماء المظلمه .. لقد سبها .. ما الجديد ؟! . - لا حول ولا قوة الا بالله . - الراجل ده مش حاسس بالنعمه اللي ربنا مدهاله . - يا نظيره محدش بيحس بالنعمه الا لما تروح منه وبعد كده يرجع يندم تاني . - كلامك صح .. لكن مع بني ادم زي ده ماتأخذنيش يا خويا . - انا حاسس ان الراجل ده مش طبيعي . - انت بتقول فيها ! .. ده بيته يفضل هادي من صباحية ربنا لحد الضهريه لما يرجع و كأن بيته دخله شيطان . - أعوذ بالله .. وقعت فيه ازاي دي ؟!! .. ده عامل مشاكل مع طوب الارض .. اهلها سيبنها كده ليه ؟ - حكم القوي يا خويا . - البني ادم ده اخرته وحشه .. ربنا معاها .. يالا بئه يا نظيره الاكل علشان جاي واقع من الجوع . - عينيا .. ثواني ويكون الاكل جاهز . مرات عديده لا تستطيع ان تحصيها تلك التي تمنت فيها أن يخرج ولا يعود .. ودائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. فيأتي مع الرياح لتتحول الي نوه تغرق السفن بمن فيها . يستحيل أن يكون هذا الشئ الذي يشبهنا في تكوينه وهيئته انسانا طبيعيا مثلنا .. هل من الممكن أن يكون مختل عقليا ؟ هل من الممكن أن يكون هذا السلوك ستار يخفي وراءه شيئا يجهله الجميع ؟ تتذكر كيف كانت وتنظر الي المرأه لتري كيف أصبحت فتتسابق قطرات دموعها علي وجنتاها اللتان كان يضرب بهما المثل في مجالس الاصدقاء عندما كانت بالجامعه . هل يعرفونها الان ؟ .. تضع رأسها بين كفيها و تنخرط في نوبه من البكاء وكأن أحد أجابها الجواب الذي تخاف أن تسمعه .. تنظر اليهما .. انهما السبب الذي تتحمل من أجله كل هذا العناء .. ماذا اذا لم يكن لهما وجود ؟ يدوي صوت غليظ في جنبات المكان .. - انت يا ست هانم .. فين اللي هاتسممه عشان أغور من خلقتك تخرج من حجرتها في طريقها لاعداد المطلوب .. ولكن لاول مره منذ زمن بعيد ارتسمت ابتسامه عريضه علي وجهها .. ابتسامه حقيقيه غير مصتنعه .. لقد حدد بنفسه ميعادا لما كانت متحيره بشأنه . تخرج من المطبخ حامله اليه افضل ما يريد .. نعم .. انها تدرك انه افضلها علي الاطلاق بل انه أقواها تأثيرا وأسرعها مفعولا . ان دراستها الاكاديميه لعلم الكيمياء لم يكن لها تأثيرا فعالا في حياتها العمليه مثلما لها الان .. انها علي مقربه من وضع نهايه لكل هذه المشاكل و المعاناه والالام التي طالما تعرضت لها .. ولكن ما هذا ؟! .. ان يداها ترتجفان .. خائفه مما هي مقدمه عليه .. لطالما قالوا ان الخوف أساس سليم للنجاح .. تتقدم نحوه بخطوات تحاول ان تجعلها ثابته واثقه طبيعيه كعادتها .. تحاول الا تظهر رجفة يداها .. تضع الطعام امامه .. تحاول الا تغير من سلوكها حتي لا تثير شكوكه .. ينظر لها نظرة الاشمئزاز و الضيق المعتاده - ما تمشي من وشي عشان اعرف اطفح ترجع خطوتين للوراء ولكنها لا تزال ترمقه .. انه يمسك بالطعام .. لقد انخفض صوت بكائهما بشكل ملحوظ .. يقربه من فمه .. ان صوتهما ينخفض شيئا فشيئا .. يضعه بين فكيه ويقضمه .. يصمتان في آن واحد و لأول مره اثناء تواجده بالبيت .. تغمض عينيها في انتظار أن يطلق صرخات الام الموت ولكن .. لا صراخ .. هدوء تام يخيم علي المكان . تفتح عينيها .. فتجد نفسها علي سرير في حجره شبه مظلمه تشبه الي حد كبير حجرتها في بيت أبواها .. لا .. انها لا تشبهها .. انها بالفعل حجرتها القديمه في بيت ابواها .. تنتفض علي سريرها منزعجه .. أين الطفلان ؟! ما الذي حدث لهذا الكائن الذي كانت تعيش معه .. هل مات ؟! .. تمر لحظات قليله شاخصه بعينيها في جميع جنبات المكان محاوله ايجاد تفسير وأجابه لما حدث .. تبتسم ابتسامه ساخره من نفسها وتعود برأسها الي وسادتها . لقد كان عشائها دسما فعلا .. يا له من كابوس .

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

اهداء

أكتبه لمن يستحق أن يهدي له اولي أعمالي الادبيه . أكتبه الي الانسان الذي لم يكن موجودا في تلك التي كنت أسميها قبل ظهوره حياه .. والان لا أجد لها اسما يناسبها . أكتبه الي الانسان الذي رسم في لوحتي ملمحا كان من الصعب ان يتواجد بدونه . أكتبه الي الانسان الذي أضاف لي في كل نواحي حياتي .. و لولا اضافته لما كان هناك ما أجروء علي تسميته اضافه . اكتبه الي الانسان الذي عندما ينقدني يقصد بنقده صالحي .. وعندما يفكر أثق في صحه ما سيصل اليه .. وعندما يحنو تصبح الحياه جميعها وكأنها بقبضتي .. وعندما يبتسم تشرق لابتسامته الشمس ذاتها .. وعندما يتكلم تتهلل لصوته كل ذره في خلاياي .. أكتبه الي الانسان الذي أصبح ملاذي الوحيد عندما تشتد من حولي الضغوط . أكتبه الي رفيقي الجديد في الدرب الذي كنت أخطو فيه وحيدا قرابة الربع قرن . أكتبه الي من اتمني أن يكون معي حتي أنتهي كما حكم الرب أن ينتهي الانسان . أكتبه اليها ... نعم انه اقل ما تستحقه .

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

هكذا هي

تقدموا .. لا تعتبرون انفسكم غرباء .. فتلك هي جنتي الارضيه التي طالما حكيت لكم عنها ورأيت في عيونكم الاشتياق لرؤيتها .. ما رأيكم ؟ .. انه بيتي الذي يمتلئ قلبي بعشقه .. انه بيتي الذي لا أفارقه مهما كان ما يحول دون ذلك .. فما أن تطأ روحي فيه حتي تسرع بقايا رائحته المميزه والمحببه الي لتكون أول من يستقبلني .. فلطالما تملأ أركانه طيلة اليوم و دائما ما تأبي أن تنصرم دون أن ترحب بعودتي .. أنه بيتي .. كل ما فيه صديقي .. سنوات عده مرت ولم تتغير به الاشياء .. كل في مكانه .. كل كما تركته .. وكأنني غادرت منذ ساعات و كأنه بانتظاري .. مكتبي .. سريري .. ملابسي و حذائي .. كتبي .. صورتي .. حتي ساعتي المنبهه لم يتبدل موضعها .. حانت مني نظره خاطفه اليها فتنبهت .. انه الفجر .. ميعادها الذي طالما انتظره لألقاها فيه .. انه الفجر حين لا يتملك شئ فوق سطوة الهدوء الذي يغلف جميع الأمكنه و يملأ كل النفوس .. حينها أناديها لتصحو فتصحو مستجيبه .. أنتظرها حتي تستفيق من أثار سباتها القلق .. أستحثها لتأتيني وأظل أنتظرها .. أصيخ السمع .. نعم انها هي .. لم أنسي أبدا وقع خطواتها .. لن أنسي أبدا أنة الأرضيه الخشبيه تحت وطئة قدميها .. أراها جيدا رغم الظلام الدامس .. لم تتغير كثيرا .. ربما هو بعض الشيب الذي غزي مقدمة رأسها ليس الا ليزيدها وقارا علي وقار ويعلن في تحدي عن حكمة سنوات من الحياه تفيض من هذا الرأس .. نعم .. انها هي . في هدوء تام تأتيني .. في سكون كامل تجلس أمامي .. في صمت حريص تنظر الي وجهي المبتسم ولكنها لا تبادله الابتسام .. في لهفه واضحه تسألني عيناها .. تتمني لو أجيبها ولو بكلمه واحده حتي وان كان بعدها الصمت أبديا .. أنصت لهذا الصوت المنتظم الذي حطم لذة الهدوء من حولنا لأدرك انه ضربات قلبها الذي يختلج خوفا علي .. أنظر الي وجهها فأجد عيناها حائرتان تفحصان وجهي في هلع .. أنظر الي شفتيها فأجدهما ترتعشان رعبا من أجلي .. تنعكس كل الالام التي تعتمل بداخلها علي وجهها الملائكي التي تصرخ قسماته في صمت موجع .. كم تمنيت لو أستطيع التخفيف عنها ولكن .. تمتد يدها الي .. تتحسس هذا الجدار الزجاجي العازل بين لمساتها وبيني .. تلعنه بصوت خفيض ليخرج همسا يصم أذني .. تتلاعب بها الذكريات فتبدأ في البكاء .. ليتها تعلم .. ليتها تدرك .. كم هي غاليه تلك القطرات التي تذرفها .. كم هي مؤلمه وموجعه .. لا تسعفني ذاكرتي كي أتفكر عدد المرات التي وددت فيها أن لم أخلق كي لا تربط بيني وبينها تلك الذكريات الرائعة .. كم تمنيت أن تمحي من رأسها تلك التي لم تكن تربط بيني و بين أخر سواها .. فقط , كي لا تبكي ثانية .. أعود من أوهامي وامنياتي لأجدها مازالت تبكي .. تتسألون لماذا تبكي .. ألا تعتقدون أن سؤالكم فيه شئ من الغرابه .. كم تمنيت لو أستطيع تحطيم تلك الصوره التي تدميني كلما دمعت عيناها الغاليتين عندما تشخصان اليها .. كم كرهت تلك الصوره ووددت أن تختفي .. أية صوره ؟! .. ماذا دهاكم ؟!! .. انها صورتي التي أصبحت تحتل أكثر من نصف الجدار .. أسترق اليها نظره خاطفه .. أجدني فيها مبتسما .. لكم رأيت صورا لأخرين يبتسمون .. بعضهم في بلاهه وأخرون في أصتناع .. وقله من القلب .. و لكني كلما كنت انظر الي صورتي أشعر بأبتسامتي فيها كمن يبعث برسالة اطمئنان لناظرها .. حينها لم أكن قاصدا لذلك ولكني حين نظرت الي عيناها الدامعتان والي شفتاها التي بدأت ترتسم عليهما ملامح أبتسامه تشرق لها الشمس .. أدركت لتوي مدي صحة اعتقادي . لا أخفي أنني لم أنظر لتلك الصوره منذ بضعة سنوات لا أذكر عددها .. ليس لسبب أكثر من أن تلك الشاره السوداء التي تحتل زاويتها العليا تبعث في نفسي شئ من الانقباض .. أعرف يقينا أنها الان تشعر بوجودي .. تريد أن تحتضني .. تريد أن تبكي علي صدري .. كم وددت أن أرتمي برأسي علي كتفها وأبكي .. لا أعرف لأي شئ أبكي .. لكني اريد أن أبكي وكفي .. علي ان يكون بين ذراعيها هي حيث الاطمئنان .. حيث الراحه . ما كل هذا الحب ؟! .. لا تتهكمون أيها الرفاق .. فهما اختلفت الأزمنه وتعاقبت .. وتغيرت الأماكن وتشكلت تظل هي علي حالها .. نعم .. هكذا هي دائما .. انها أمي .

ابتسامه عابره

كثيرة هي تلك اللحظات التي تتذكر فيها حدثا طريفا قمت به منذ زمن بعيد فتجد ابتسامه تغزو وجهك فارضه نفسها علي اجواء خيالاتك رغما عنك .. و عندها تتوالي في ذهنك الخواطر والاحداث .. الضحكات و الهمسات التي كانت يوما هي ينبوع يفيض بسخاء لرسم ابتسامتك .. تتذكر اياما كانت فيها الابتسامة تخرج منك دون عناء او تكلف .. تخرج من اعماقك لتخبر الجميع ببراءة ونقاء قلب صاحب هذة الابتسامة التي غالبا ما كانت تتحول بمنتهي السلاسة الي ضحكة صاخبة .. تتذكر اياما كان المرض فيها يشتد عليك وعلي الرغم من ذلك كنت تصر اصرار بالغا علي الذهاب الي المدرسة لمجرد لقاء الاصدقاء واللهو والتواثب هنا وهناك فلم يكن لك أن تتصور صخبهم بدونك .. تتذكر حينها وجة والديك اللذين طالما تعجبا من تصرفاتك .. - من امتي وانت مجتهد اوي كده .. خليك النهارده في البيت انت تعبان - انا هاروح المدرسه مليش دعوه فلا أحد منهما يفهم سر هذا الاصرار الغريب علي النزول برغم مرضك فتتوالي الذكريات في ذهنك لتتفكر تعليق والدك حينها واصفا اياك بالخروف في اصرارة علي المناطحه فتزداد ابتسامتك انفراجا . تتذكر معلمتك في الابتدائية التي لم تكن تجيد نطق الحروف بصورتها الطبيعية (لدغاء) وكيف كنت وزملائك تتهكمون علي طريقة نطقها للكلمات التي كانت تخرج منها بطريقة مضحكة وكيف كنتم تصتنعون الجهل بمعاني بعض الكلمات التي كنتم تدركون تماما انها تمثل حملا علي لسانها .. كانت تنطلي عليها الحيلة لبعض الوقت و لكنها حينما كانت تدرك .. كانت تتعالي صرخاتكم وتوسلاتكم ووعودكم لها بعدم تكرار الامر .. تتذكر حين كانت تسالك والدتك عن سبب الكدمات واثار اللطمات فكنت تتلعثم معللا ذلك بمشاجرة مع بضع الاشقياء .. كنت تكذب لانك تعرف تماما انك اذا تفوهت بحقيقة ما حدث لتكررت صرخاتك وتوسلاتك ووعودك .. ولهذا كنت تكذب مستمتعا بسرد رواية عن هؤلاء الاشقياء الذين اعترضوا طريق رجوعك الي البيت بدون سبب وتكتلهم عليك وضربك وانت الضعيف المهذب لم يكن لك حيلة سوي البكاء .. عندها فقط يحن القلب العظيم ويضمك الية ويربت عليك فترقص انت طربا بداخلك لهذة النتيجة وتقارن في خيالك سريعا بين وضعك الحالي وما اذا صدقت القول فتسرع في سرك بالتهليل لمن اخترع الكذب ..اخترع !!! .. تتذكر هذا كلة فتتسع ابتسامتك اكثر واكثر .. تتذكر الفأر البلاستيكي الاسود الذي اشتريته من البائعة الجالسة أبديا خارج بوابة المدرسة بعد ان اخذت تدخر من مصروفك لمدة تزيد عن الاسبوعين مصمما علي الاخذ بثأرك بعد الاهانه القاسيه امام كل زملائك و اصدقائك و بعد التوبيخ و السخريه بكلمات لازعة شديدة الوطء عندما عرضت علي فينوس المدرسه في ذلك الوقت صداقتك .. تتذكر رهانك مع اصدقائك علي قبولها لصداقتك بمجرد عرضك ذلك .. تتذكر درجة حرارة اذنيك والارتفاع الطردى لها مع كل كلمة تخرج من فمها .. تتذكر تهكماتهم وتهامساتهم وضحكاتهم الصاخبه التي كانت تثير داخلك ما تثيره من غيظ وغل .. تتذكر كيف بدأت داخلك رغبة الانتقام .. تتذكر كيف كان التخطيط وما حدث حين أمرت المعلمة الجميع باخراج كراسة الواجب المنزلي من الحقائب .. تتذكر حينها انك اغمضت عينك ومنيت نفسك بسماع اعلي صرخة فزع حتي وان كان بعدها الصمم .. تتذكر حين حدث .. تتذكر نشوة الانتصار الذي لا يقارنة شئ في الوجود .. تتذكر (التشششششش) التي شعرت بها فعليا تعتمل فيك .. تتذكر كيف نظرت اليها حينها وكل زفرة تخرج منك تصرخ معلنة انك انت الفاعل .. تتذكر هذا كلة فتنفرج اساريرك حتي تشعر ان جانبي فمك وصلا الي اذنيك . تتذكر نظرتك لنفسك في المرأه واعجابك بهذا الخط الرفيع الباهت الذي بدأ يتكون اسفل انفك .. تتذكر منظر الحجره الذي كان يظهر انعكاسه في المرأه .. دولاب الملابس .. الكره التي كانت تظن أمك انها تخفيها عنك فيه .. ويقودك الخليط العشوائي من تلك الذكريات الي فتره مرضك التي طالما تتذكرها وكيف عانيت وعانت معك عائلتك بالكامل منها .. تتذكر حين كنت تفتح عينيك في منتصف الليل لتجد أمك جالسه بجانبك تبكي متضرعه الي الله لتشفي .. تتذكر حينا كانت فيه تلثم يديك مرتفعتي الحراره وتبللهما بدموعها .. فتجد دمعه افلتت من زمام جفنيك فتسرع بمسحها مبتسما من نفسك في سخريه متألمه . كثيرا ما تشرد بخيالك لتدخل في تفاصيل لحظات كانت أبعد ما يكون عن مخيلتك لتجد نفسك تتذكرها فجأه .. فمنها الخاطف الذي لا تتذكر من تفاصيله الكثير ومنها الراسخ الذي تعرف بانه لن يطمس بأية حال .. منها الباسم و الباكي و منها الساخط و الساخر .. خليط غريب لا يتفتق الا عن ذهن لا يعرف عن التصنيف أو التنظيم ابسط انواع القواعد وهو ما يجعله محبب الي قلبك .. لحظات من المرح الطفولي اللذيذ التي كلما تذكرتها تبتسم في مزيج من حنين لها و حسرة لصعوبة تكرارها .. لحظات تتذكر فيها كيف كان اللهو و المرح و الانطلاق الشبابي حتي وان لم تكن تشارك فيه بالكثير .. لحظات تتذكر فيها كيف كان التوجس والترقب الذي يسبق اذاعة نتائجك وخاصة الثانوية العامة والتي طالما تتذكرها فتشعر بصدرك يعلو ويهبط في توتر وقلق وكانك تعيش نفس اللحظات الكئيبة مرة اخري فتطلق سبة رغم عنك وتلعنها ذكري .. وسرعان ما يتفهم ذهنك كم قسي عليك بتلك الذكري فيعمل علي اسراع شريط العرض لتصبح مجرد ومضة أسفه اثناءه . و تأخذك دهاليز هذا العقل الفوضوي لأمال وأحلام كانت تمثل جزءا رئيسيا وفعالا في حياتك .. وتجسد امام عينيك كل طموحاتك التي تلاشت في سرعه عجيبه .. فكانت هناك المناصب العليا التي تنتظرك انت دون سواك .. و شهادات التقدير الدولية التي كانت تتلهف ان تنهال عليك من جميع المؤسسات العلمية في جميع اركان العالم .. و اسمك الذي عند ذكرة في احد تلك المؤتمرات الهامه عظيمة الشأن ترتج لة اركان المكان .. جائزة نوبل التي كان سيسلمك اياها ملك السويد وهو ممتلئ فخرا لمجرد مصافحتك و الوقوف الي جانبك .. المعادلات الناتجة عن ابحاثك والتي كانت ستملئ جميع المراجع في شتي انحاء البسيطة .. الايادي الكثيرة التي كانت سترتفع الي السماء شاكرة مهللة لانقاذ مصير البشرية من الهلاك المحقق عن طريق تلك العقلية النووية الفذة ( اللي هي عقليتك طبعا ) .. احلام عريضة .. طموحات ليس لها حدود .. ثروات طائلة .. مستقبل زاهر باهر يحسدك علية الجميع من حولك .. امنيات و امال .. كثيرا من الامال .. وهي كانت تدعي امال ......... - متبصش لفوق أوي كده لرقبتك تتقطم .. خلينا علي أدنا .. امشي جنب الحيطه أحسنلك خلينا نعيش . - طب خلاص خلاص .. فين الشراب ؟ خليني الحق الدفتر احسن ياخدوني غياب ذي امبارح - هتلاقيه عندك تحت السرير .. آآ لأ تحت الدولاب .. آآ لأ ده في الجزمه من امبارح متغسلش - ( في سره متحسرا ) فينك ياماه - هاتعمل ايه انهارده ؟ - بالزمه ده سؤال .. أهو زي كل يوم هيفرق ايه يعني ؟! .. هاروح أقعد علي المكتب لحد معاد الانصراف وأديني جايبلك البطيخه وجاي . - طب متنساش تظبط نفسك قدام المرايه قبل ماتنزل .. مش كل يوم تنزل مبهدل كده مكرها يقف أمام المرأه .. مشمئزا يطالع ذلك الانعكاس الردئ الذي بدا له منها .. مرغما ينظر الي ذلك الوجه التي ملأته التجاعيد وشاخ قبل أوانه ليجده شاخصا فيه بذات الدهشه والاشمئزاز .. متمعضا يجاهد لهندمة ثيابه المجعده بلا فائده .. مجبرا يمسك بالمشط محاولا تهذيب ما تبقي له من شعيرات علي جانبي رأسه ولكنها تأبي في عند .. يستثيره مظهره المنفر الذي يطالعه برغم كل تلك المحاولات .. يعيد ثيابه الرثه لوضعها الساخر الاولي ويثير شعيراته القليله لتبدو كما كانت منذ لحظات .. يعجبه مظهره كما تعود عليه دائما .. تداعب ثغره ابتسامه ساخره من ذلك الشبح الذي يطالعه .. متحسره نادمه لأنه يعرف ماهيته .. عابره لأنها قلما تطفو علي سطح وجهه . - انت لسه واقف ! .. مالك بتضحك علي ايه ؟! .. ماترد

الخميس، 8 أكتوبر 2009

خاطر

من مذكرات شاب علي حافة الجنون أو الانتحار أيهما أقرب ....
كم تمنيت أن يأخذ الله كل ما أعطاني في مقابل تلك الحياه التي أتمني أن أحياها و لكنني أعود عن تلك الأمنيات لأوكد بلا ريب أن هناك حكمه الاهيه في ذلك لا تستطيع عقليتي المحدوده أن تحتويها .. لكن من حقي ان أتسأل الي متي سيستمر ما أنا فيه .. أخاف أن يجيبني عقلي فأصمت وأومئ برأسي يأسا خائفا أن أحيا طويلا هكذا . مرات عديده أظل ساهرا أفكر لأجد هذا الذهن المشتت رافضا في اصرار عن الافصاح عما يطمئن أو يريح ليس الا لأنه لا يجد ما يطمئن أو يريح .. مرات عديده شردت في حال تلك الحيوانات الضاله الهائمه في ظلام الليل ووحشة طرقاته الساكنه وتمنيت أن أكون واحدا منهم حيث لا مشكلات و لا تفكير و لا خوف من مستقبل مدمر يقود اليه حاضر تعس .. نعم فكل همومهم ايجاد ما يملأ بطونهم قبل أن يغمضوا أعينهم في رضا تام عن النفس و عن العالم من حولهم . كثيره هي تلك اللحظات التي أستعيد فيها ذكريات طفولتي الكريهه .. فما عانيته فيها كان أكثر من طاقتي الأدميه علي الاحتمال .. لم أكن أبدا مثل بقية أقراني فكثيرا ما كانوا يلهون و يتواثبون هنا وهناك حينما كنت أنا غارقا في همومي داعيا الله أن ينهي احدي تلك الخلافات الأبديه التي أعرف يقينا أنها لن تنتهي .. كنت و مازلت مثقلا بالأحمال النفسيه والأفكار المظلمه التي تجوب رأسي وكأنها تملكه وليس في مقدوري طردها .. نعم كيف أطردها وقد أصبحت أقرب الي من ذاتي . كثيرا ما أجلس الي نفسي ولا أعرف علي من ألقي ذمي و حنقي الشديد .. كم وددت أن أجد كيانا ملموسا و حسيا يكون له تدخل فيما أنا فيه من عذاب كي أريه من أشكال العذابات ما لم يكن يتخيله في أسوأ كوابيسه .. ولكن هل من الممكن أن يتحول القدر الي هذا الكيان . فكرت مرارا أن أصلح من حياتي ولكن دون جدوي و كأنهما علي أهبة الاستعداد لتدمير أي نوع من أنواع الاستقرار في حياتي .. تلك الحياه الكئيبه التي أصبحت أمقتها و أتمناها تنتهي الأن و في تلك اللحظه .. نعم تطرق الي ذهني الموت كثيرا فأحببت تلك الفكره ولكن ايضا ليس الامر أبدا مطلقا في يدي .. فانني لن الجأ اليه للتخلص من حياه مريره لأدخل في حياه أخري أعظم مراره و أكبر عذابا بما لا يقاس .. هل أنتظره؟ هل يعد هذا الانتظار في مرتبة الانتحار ؟ .. وأن لم يكن فالي متي يطول بي الانتظار ؟ .. انني مازلت في مقتبل العمر .. نعم يبدو انني سأنتظر كثيرا فهل أستطيع الاحتمال ؟ .. لا أعتقد .. اذن ماذا أفعل ؟ .. لا أعرف . لا أعرف من أين أتيا بكل هذا الحمق و الغباء .. هل يعتقدان أن ما يفعلانه تسليه ؟ هل هي هوايه ؟ أم أنه ميثاق تعهدا علي تنفيذه ؟ كثيرا ما يكونا هادئان وفجأه و بدون أي بوادر داله يحدث ما لا يحمد عقباه فأسمع صياحا ووعيدا وأدعيه وتهديدات .. لا أعلم لأي شئ نشب الخلاف وأعتقد أيضا أنهما لا يعلمان فتلك العاده أصبحت كالنوم والتنفس جميعها أفعال لا اراديه ليس في الامكان الاستغناء عنها . لا أعرف من الدنس الذي أقنعهما انني لا أدرك أو أشعر فانني بينهما أعمي وأصم وأبكم .. فلا شأن لي بهما أثناء تأديتهما لاحدي فروضهما الحمقاء بل ولا يجب مطلقا أن تتأثر حياتي بأفعالهما .. لا أعرف كيف يفكران ولا أريد ان أعرف خوفا من أن أصاب بعدوي تفكيرهما المريض . يدعيان المثاليه .. يدعيان عدم الادراك لما فعلاه بي من تدمير وتحطيم لأي مقدره كنت أملكها يوما للتعامل السوي مع البشر من حولي .. أصبحت أخشي تلك الحياه وما تكنه لي من مفاجأت .. لا أريد أن أعيش حياتي فهل يقبل أحدا أن يبدل حاله بحالي؟ وان وجدته فهل هذا ممكن فعلا ؟ وان أمكن فهل يتحمل ما يجب عليه أن يتحمله حينها ؟ لقد نجحا تماما في جعلي انسان مريض نفسيا بحق .. حقا لا أعرف اسم مرضي ولكنني متأكد من وجوده ولابد أنه يحمل احدي تلك الاسماء المعقده التي يكفي فقط أن تسمعها حتي يصيبك العته الذهولي من هول اللفظه .. أتذكر جميع مشاحنتهما و التعنيف الشديد المتبادل بينهما و الذي احيانا يصل الي حد التجريح الشديد علي مسمع ومرأي مني .. أتذكر جميع الاسباب التي أدت الي كل ذلك . ألا يخجلان .. كيف يسمح لهما شعرهما الاشيب بمثل هذه التصرفات الحمقاء و الكارثه الحقيقيه أنها لا تتوقف ولن تتوقف الا بموت أحدهما .. للأسف عندها فقط أؤكد أن حياتي ستختلف .. ستختلف تماما . - عايزين نشوفك عريس قبل ما نموت .