السبت، 27 نوفمبر 2010

في الآوتوبيس

كثيره هي تلك الاحيان التي اشعر فيها بانني في حاجه ماسه الي ان اكتب .. ففي الكتابه اجد متنفسي الوحيد و أكتشفت اني بذلك علي خلاف عميق مع كثيرا من البشر .. فبعضهم يجد في التنزه تفريغا لمكنونات صدره .. و بعضهم يجد في التهام كل ما يقع تحت انفه متعته و سلواه .. وبعضهم يصر علي ان يكون رمزا للغباء وتجسيدا أصيلا له ليجد في التسكع ومضايقة الخلائق هوائه الذي يملأ رئتيه .. لا اكذبكم القول بأني حاولت جاهدا أن أصبح كأحد هؤلاء ولكني وجدت في الكتابه دوائي ولولاها لصرت مجذوبا يجوب الشوارع منكوش الشعر مرتديا الخرق يسب الجميع دون سبب فتخافونه وتشمئزون منه ومن الفاظه ومظهره .. فكلما أتخيل نفسي في هذا الوضع يهابني ما أراه .. حينها أسرع الي قلمي العزيز والورقه التي أجد لذه لا يضاهيها شئ في الحياه و أضعها تحت يدي وأسطر عليها لآلئ أفكاري وكأنني أديب بحق ... نعم أنني الأن أتنفس وبعمق . كثيره هي تلك الاوقات التي أحاول فيها ان أتنفس بطريقتي الخاصه تلك .. حينا لا أجد فيه ذلك الهواء النقي الذي أتنشقه و الذي يتسرب الي أدق خلايا روحي اذا صح هذا التعبير .. و لكني حين أجده أشعر بالنشوه والانتعاش الذي لا يوازيه شئ .. فقلما تجود القريحه بكلمات معبره لتتكون الجمل المتناسقه وينتج عنها موضوع نتناقشه فيما بيننا .. من نحن ؟! .. غريب هذا التساؤل .. انا و انا طبعا .. ألا نكفيكم ؟!! احيانا تتزاحم الافكار في رأسي و أشعر بها تتخبط فيما بينها حتي لأخشي عليها من التهشم فالتلاشي و الضياع لتلك الأفكار التي طالما تروق لي .. و احيانا أكثر تلتمع فكره بعينها في هذا الرأس .. وكأن هالة ضوء رهيبه انبثقت من العدم في مفاجأه لهذا الرأس المسكين الذي يحاول استيعاب كل هذا الألم بعد أن كان عاكفا مستكينا في جو مظلم بدأ في الاعتياد عليه .. فتتضح لي تفاصيلها تدريجيا ببدايتها وموضوعها ومغزاها ونهايتها وكيفية كتابتها وحتي صياغتها الادبيه فأسرع الي قلمي الحبيب و أخرجه من غمده المخملي ( يعني جيبي ) و أمسك به وأستعد لتدوين ما يجول بتلك الرأس خوفا من أن أصطدم بفكره أخري تطيح بتلك التي راقت لي .. عندها فقط أتذكر بأنه ليس معي ورقه فأنني في احدي تلك العذابات المقيمه التي يسميها البشر – وعجبا لها من تسميات – المواصلات فمن أين لي بورقه .. أنظر تحت قدمي لأجد علبة سجائر فارغه و ملقاه .. و سليمه يتجدد بداخلي الأمل .. أنحني بعسر وسط الزحام و أفأفات أسيادي من حولي لألتقطها فيسرع حذاء بانص قليل القيمه ليساويها بالأرضيه .. أتجنب النظر لصاحبه متحاشيا إنفجار وشيك .. أزداد حنقا علي سوء حظي الذي لم أري لمثله مثيل .. عندها يستبد بي الغيظ فأتحامق علي نفسي وألقي بهذا القلم الذي عاني معي كثيرا من نافذة المركبه - التي أكفر فيها عن ذنوبي – وسط نظرات فضوليه خبيثه تتساءل بوضوح عن مدي سلامة عقليتي .. وكأن الحافله حافله بعلماء وقود الصواريخ . حينها أكون قد امتلئت يقينا و ثقه بأن الفكره أو معظم ما ترأي لي منها سوف يضمحل دون رجعه فأنتهر رأسي كي يصمت و لا ينضح بأخري حتي لا تزداد حسرتي عما هي عليه .. فقط لأتذكر أن هناك ورقه صغيره أدسها دائما في الجيب الخلفي لسروالي لتدوين خواطري المفاجئه التي طالما تأتيني .. ولكن في الاوتوبيس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق